recent
مستجدات

في نقد الحاجة للمجلس الأعلى للتربية و التكوين عبد العزيز دهلي–باحث تربوي

في نقد الحاجة للمجلس الأعلى للتربية و التكوين عبد العزيز دهلي–باحث تربوي


حدد القانون 105.12 المنظم للمجلس الأعلى للتربية و التكوين من بين مهام و صلاحيات المجلس : 
" تقديم كل مقترح للحكومة من شأنه : - الإسهام في تحسين جودة المنظومة الوطنية للتربية و التكوين ، و ضمان إصلاحها و الرفع من مردوديتها ، و تطوير أدائها ؛ "
و تعيشمنظومة التربية و التكوين هذه السنةوضعية كارثية غير مسبوقة بسبب الاحتجاجات المتنوعة الأشكال و الصيغ و المدد و الفئات .
فقد شاركت في هذه الاحتجاجات كل فئات نساء و رجال التعليم : الأساتذة بكل أصنافهم ( الذين فرض عليهم التعاقد – الذين ينتمون للوظيفة العمومية – معتقلو الزنزانة 9 – أصحاب الشواهد العليا ... ) – أطر الإدارة التربوية بكل مهامهم ( مديرون – نظار – حراس عامون ...) – المفتشون بكل مجالاتهم و تخصصاتهم .
و تنوعت الأشكال الاحتجاجية من مقاطعة مجموعة من المهام الإضافية إلى مقاطعة الاجتماعات إلى الإضراب إلى الوقفات الاحتجاجية أمام الإدارات و أمام البرلمان إلى المسيرات إلى الاعتصامات النهارية إلى الاعتصامات الليلية إلى المبيت أمام الوزارة أو أمام البرلمان ، من طرف الهيئات النقابية و الجمعيات و التنسيقيات الممثلة للعاملين في القطاع.
و قد ووجهت بعض هذه الاحتجاجات أحيانا بتدخل عنيف لقوى الأمن انتهت بإراقة دماء نساء و رجال التعليم على مرأى من الجميع .
يحدث كل هذا ، و الأساتذة الذين فرض عليهم التعاقد يمددون إضرابهم لما يفوق الشهرين بشكل متوال و هم الذين يتجاوز عددهم 55000 أستاذا منهم عدد قليل جدا التحق بالأقسام ، ولكن الأغلبية العظمى تشارك في تمديد الإضراب .
يحدث هذا ، و تلاميذ الأساتذة الذين فرض عليهم التعاقد و أساتذة الزنزانة 9 و ... لم يتلقوا دروسهم وفق ما هو مقرر رسميا ، مما ضيع على التلاميذ أزمنة مدرسية تعد بملايين القرون  لن يتم استدراكها مطلقا حتى و إن عاد كل الأساتذة إلى أقسامهم ابتداء من الغد .
يحدث هذا ، و الوزارة الوصية– و معها الحكومة - تواصل التعنت مع كل الفئات و ترفض مطالب الجميع ، و تجالس بعض المركزيات النقابية التي ما أن تخرج من حوار مع الوزارة حتى تعلن إضرابا جديدا تختلف مدته مصحوبا بمسيرات أو بوقفات احتجاجية .
يحدث هذا ، والوزارة عبر الأكاديميات و المديريات الإقليمية تحاول تعويض الأساتذة المضربين " باللي كاين"، و هكذا لجأت إلى الاستجداء و التسول من التعليم الخصوصي و من جمعيات الآباء و من المتطوعين و من التعليم الأولي ومن .. ولكن بدون جدوى .
يحدث هذا و أشياء أخرى أفظع بكثير ، تختزل العملية التربوية داخل فضاء الفصل الدراسي في إيجاد أي" شخص " بتكوين أو بدونه ، بدبلوم جامعي أو بدونه ، يستطيع الوقوف أمام التلاميذ للقيام بمهمة التدريس أو بدونها ، فقط لـ " تكسير " الإضرابات والاحتجاجات بعيدا عن أي حديث عن الشروط التربوية و الإدارية و البشرية للعملية التعليمية ، و بعيدا عن أي حديث عن الجودة و عن المنهاج و عن إنجاز المقرر و عن التقويم وعن ... 
يحدث كل هذا ، و الغائب الأكبر عما يجري من مآس في القطاع هو المجلس الأعلى للتربية و التكوين ، الذي لم يسمع لها أثر يذكر. فلم يعقد ندوة من ندواته " الباذخة " أو مؤتمرا من مؤتمراته " المكيفة " لبحث الأزمة العميقة التي تعيشها المنظومة التربوية و العمل على اقتراح حلول لتجاوز الوضعية الحالية علما أن هذا من أهم اختصاصاته ، إسهاما منه في تجاوز وضعية الاحتقان و التوتر غير المسبوق في تاريخ المنظومة ، في أفق توفير الشروط الضرورية للعملية التربوية كما ينص عليها في توجيهاته " النظرية " ، و مكتفيا بدور المتفرج ، على الأقل علانية .
مما يدفع إلى التساؤل ما هو الدور الفعليو الحقيقي للمجلس الأعلى للتربية و التكوين ؟
هل هو تنظيم ندوات  تربوية  "مترفة " و إنتاج أدبيات في الإصلاح التربوي لا تسمن و لا تغني من جوع و لا تجدي المنظومة التربوية نفعا في وقت الأزمة ؟ 
أم هو للتدخل الفعلي لمساعدة المنظومة على تجاوز الأوقات العصيبة مثل التي تعيشها هذه الأيام؟
إذا لم يكن المجلس الأعلى للتربية و التكوين يساهم في تحسين جودة المنظومة التربوية ، كما هو محدد في أحد الاختصاصات المسندة إليه ، عبر مساعدتها على تجاوز أوقات الأزمات بسلاسة ، فإنه صار ضروريا أن نعيد النظر في مهام و اختصاصات و تشكيلة هذا المجلس ، لأن فشل إصلاح المنظومة التربوية ، خلال كل تاريخ إصلاح التعليم في المغرب ، لم يكن بسبب  " فقر" في مضامين و مشاريع الإصلاح ، بل بسبب سوء التنزيل.
فالمنظومة التربوية ،اليوم أكثر من أي وقت مضى ، تحتاج لمن يرافقها ويصاحبها و لمن يأخذ بيدها و بيد مسؤوليها إلى العنوان الصحيح للتعليم ، فقط  ، ناهيك عن عنوان التربية و التكوين و عن عنوان الإصلاح .

عبد العزيز دهلي– باحث تربوي
الجديدة في 19 أبريل 2019

في نقد الحاجة للمجلس الأعلى للتربية و التكوين عبد العزيز دهلي–باحث تربوي
دفاترتربوية

تعليقات

ليست هناك تعليقات
إرسال تعليق
    google-playkhamsatmostaqltradent