عبد الرزاق بنشريج : إنقاذ الموسم الدراسي رهين بإنهاء أزمة المتعاقدين
عبد الرزاق بن شريج
عضو مؤسسة لنقابة مفتشي التعليم
حوار أجرته جريدة الأحداث المغربية الصادرة بتاريخ 18 أبريل 2019 مع ذ. عبد الرزاق بن شريج عضو مؤسسة لنقابة مفتشي التعليم
س: لماذا انتقدتم امتحانات التأهيل المهني الخاصة بأطر الأكاديميات؟.
ج: موضوع التأهيل المهني يحتاج إلى نقاش عميق ومتأن لاستخلاص الدروس من الوضع الراهن الذي تعيشه المنظومة التربوية المغربية، فما يجب استنتاجه من خلال العمليات التي أصدرت في شأنها وزارة التربية الوطنية نصوصا تنظيمية هو أنها لم تنجح في تنزيلها أو إيصالها للفئة المستهدفة، ولو في عملية واحدة، باستثناء الاقتطاعات من الأجور،
لقد اعتادت الوزارة إصدار قرارات أو مذكرات دون بحث أو معرفة مدى توفر الامكانات القانونية والإدارية والتربوية المساعدة على إنجاحها، هذه التوطئة فرضها السياق العام للتدبير القانوني والاداري للوزارة الوصية، وبذلك فامتحان التأهيل المهني جاء في نفس السياق المعتمد على ” رمي الجمرة إلى الأكاديميات والمديريات الإقليمية “.
حقيقة يصعب التطرق لكل الثغرات التي جاءت في قرار وزير التربية الوطنية رقم 007.19 بتاريخ 19 فبراير 2019 الذي يعتبر مرجعا لهذا الامتحان، ومن باب المسؤولية الأخلاقية والتربوية كان لابد من إثارة الانتباه إلى المنزلقات التي يسير فيها ملف ” التعاقد ” أو ما يسمى “موظفو الأكاديميات”، فكلما كانت النصوص القانونية دقيقة والإجراءات الإدارية والتربوية دقيقة ربحنا الرهان، وفي هذا الإطار يصب انتقادنا لظروف إجراء امتحان التأهيل المهني
س: انتقدتم هذه العملية وقلتم بأن المعنيين لم يقوموا بالبحث التربوي التدخلي. ماذا تقصدون بذلك؟
ج: فعلا لم يستفيد فوجا 2016 و2017 من تكوين أساس بالمراكز الجهوية للتربية والتكوين، باستثناء بضع سويعات وزعت بين ثلاث مجزوءات، من أصل ستة، وبقيت ثلاث مجزوءات أخرى لم يسمع بها المتدربون نهائيا، هذا معروف في وسط المعنيين بالأمر، ومن بينها مجزوءة البحث التدخلي، الذي تطرقت المادتان 23 و 29 من قرار وزير التربية حول التاهيل المهني لكيفية الاختبار فيه، وانتقادنا للعملية نعتبره انتقادا بناء وبحسن نية ومساهمة في احترام القانون وبناء المؤسسات
س: كيف تقيمون عملية إجراء الأكاديميات للامتحانات في غياب المصادقة على البحوث؟
ج: صدور القرار بعد سنتين على توظيف الفوج المعني (2016)، واعتماد محاضر فردية ملغومة تعتمد في ديباجتها على القرار ولا تتضمن خانات تفصيلية للتنقيط، والشروع في تنفيذ الامتحانات دون عقد اجتماعات مع اللجان لتوضيح المطلوب في ضوء الإضراب المفتوح الذي تنفده “تنسيقة الأساتذة الذين فرض عليهم التعاقد” أوقع خلطا وتضاربا بقصد أو بغيره، حيث فتح ابوابا للاجتهاد، فبعض اللجن لم تأخذ بعين الاعتبار البحث التدخلي أثناء احتساب المعدل العام المنظم بالمادة 30 من القرار، مبررة ذلك بان فوج 2016 لم يتلق أي تكوين، وبالتالي من غير المنطقي ولا الأخلاقي اعتماد نقطة البحث التدخلي غير المتوفرة أصلا، وبعض اللجن رفضت احتساب المعدل العام في غياب نقطة البحث التدخلي، وبالتالي لا يجوز قانونيا إصدار قرار النجاح من عدمه في غياب مكون يشكل 25% من المعدل العام، التزاما بمنطوق المادة 30 من قرار وزير التربية الوطنية المذكور، مع الإشارة إلى أن هناك أكاديميات تحترم نفسها ولم تشرع بعد في هذه العملية إلى أن تتوفر لها الظروف السليمة والمساعدة على إنجاحها، وأعتقد أن الفقرة الثانية من البلاغ الصحفي الصادر عن وزارة التربية في شأن اجتماع السبت 13/4/2019 مع تنسيقية المتعاقدين، تشير إلى “تأجيل اجتياز امتحان التأهيلي المهني إلى وقت لاحق لإعطاء الأساتذة أطر الأكاديميات فرصة للتحضير الجيد لهذا الامتحان” وبذلك كان انتقادنا بناء و على صواب.
س: ماهي قراءتكم للوضعية التربوية الحالية بعد دخول الأساتذة المتعاقدين في إضراب تجاوز الشهرين؟.
ج: الوضع الحالي للمنظومة التربوية مقلق جدا، فحين تغيب الحكامة الجيدة في المجالات التربوية ينعكس ذلك على كل المجالات الأخرى، أعتقد ان الحكماء يجعلون من التواصل والإنصات أولوية إنجاح المرفق، لقد ركبت الوزارة رأسها وأصبحت ترى الجلوس مع التنسيقيات الوطنية انهزاما أو خنوعا، والحال أن كل ما ينزع فتيل الاحتقان يعتمد من طرف المسؤول العاقل حكمة، خاصة وأننا نعيش وضعا غير سليم، بل يحتاج إلى شيء من التبصر، لذلك يمكن طرح السؤال التالي على السيد وزير التربية: ماذا ستضيع أو تفتقد لو استمعت لتنسيقية الأساتذة الذين فرض عليهم التعاقد؟ أليس من باب الحكمة الجلوس مع من يمثل 55 ألف أستاذ؟.
صحيح التشبث بالتمثيلية التي أفرزتها صناديق الاقتراع مهم، ولكن، هذا مصير شعب، وكيف يمكن التعامل مع من أصبح يمثل الاغلبية اليوم ولم يكن موجودا خلال انتخابات 2015؟ هذه الفئة خلقت سنة 2016، في اعتقادي من أجل الوطن الاستماع والتواصل مع التنسيقية أصبح أمرا لازما من أجل المدرسة العمومية، وبعد ذلك يمكن الحديث عن شيء آخر…؛
س: لقد تم الاستماع إلى التنسيقية بحضور مؤسسات أخرى، يوم السبت 13/4/2019، إذا فتح باب النقاش والتفاوض مما سيعطي بدون شك نتائج هامة؟
ج: قد يجوز هذا القول وهو ما نتمناه، لكن كيف يمكن تفسير حضور وزير التربية الوطنية “مهرجان التبوريدة” بمدينة الفقيه بنصالح، وعدم حضوره اللقاء مع التنسيقية؟ قد تكون هناك رسائل، هل المهرجان أهم من البحث عن حلول للمنظومة؟ غياب وزير التربية الوطنية غير مشجع، وقد يفسر على أنه لم يستسغ بعد أن المغرب دخل مرحلة التنسيقيات وهي من سيقود العمل التفاوضي مستقبلا، كما يمكن تفسير غيابه عن اللقاء بخضوعه لضغوطات من جهات أخرى، …
س: ماهو رأي المفتشين في الوضع الحالي: إضراب مفتوح، وإضرابات كل أسبوع؟
ج : رأي المفتشين هو رأي نقابتهم، لقد عبرت نقابة المفتشين في بيانات عديدة عن قلقها مما يحاك ضد المدرسة المغربية، ودعت الوزارة إلى تغليب المصلحة الفضلى للمتعلمة والمتعلم، وتجنيبهما سنة بيضاء، عبر تمكينهما من حقهما الكامل والعادل في الاستفادة من الحصص الدراسية المقررة، بل حملت الحكومة المغربية ووزارة التربية الوطنية مسؤولية هدر الزمن المدرسي لأبناء المدرسة العمومية، محذرة من انعكاسات هذه الوضعية على نتائجهم الدراسية، بل أكثر من ذلك دعت الوزارة الوصية إلى تغليب فضيلة الحوار مع كافة الهيئات والفئات المتضررة من أطر الإدارة التربوية ومختلف فئات هيئات التدريس (الأساتذة الذين فرض عليهم التعاقد، الزنزانة 9، حاملي الشهادات…)، معتبرة أن متعلم المدرسة العمومية هو الضحية الأولى لتغييب هذ الحوار؛
س: تدعون الوزارة إلى فتح قنوات الحوار مع كل الفئات المتضررة، هل تعتبرون أنفسكم من ضمن الفئات المتضررة؟
ج: نعم فئة المفتشين متضررة، وإلا لماذا نفذت برنامجها النضالي من وقفات، ومقاطعة عمليات، وإضراب، وغيرها من أساليب النضال، ويمكن الرجوع لبيانات نقابة المفتشين لمعرفة الضرر الذي لحق الهيئة جراء ردود أفعال الرباعي المركزي، والذي يتحمل كامل المسؤولية في كل ما وصلت إليه المنظومة من فشل تدبيري.
س: لكن توقف البرنامج النضالي منذ أشهر، هل توصلت نقابة المفتشين إلى حل ملفها المطلبي مع الوزارة؟
ج: حسب علمي لم تتوصل لأي اتفاق، ولكن تعاملت بحكمة مع المرحلة، حيث شعرت بأن السنة الدراسية تسير نحو “سنة بيضاء”، وهي تعرف أن هناك من يتصيد فرص ضرب جهاز التفتيش، وتحميله مسؤولية الوضع المأزوم، بالإضافة إلى أنها لم توقف البرنامج النضالي المسطر من قبل، فحسب بياناتها لم تشر إلى إيقاف البرنامج، بل لم تعلن عن الشروع في تنفيذ برنامج جديد، وكل هذا واضح في بياناتها؛
س: جواب غير مقنع، أو غير واضح، ورغم ذلك لك الحق في عدم الإجابة عن السؤال.
ج: قد يكون غير واضح، لكن هذا ما يوجد بوثائقها الرسمية المعلنة والمنشورة، مع الإشارة إلى أنه يمكن أن يكون تصريح الوزير في جلسة الأسئلة الشفوية لمجلس النواب يوم 04 فبراير 2019 برغبته في الاستماع لنقابة مفتشي التعليم دفعها إلى التعبير عن حسن النية من طرف واحد، لكن الوزير لم يف بالتزامه أمام الشعب المغربي، بمن فيهم أعضاء البرلمان؛
س: العمل النقابي حساب، وتوقعات، وانتظارات، ولا مكانة لحسن النية من عدمه، أليس كذلك؟
ج: على كل حال هذه قرارات مؤسسة، بل قرارات برلمان المؤسسة النقابية، أي قرارات المجلس الوطني، لا أملك شخصيا سوى قراءة وتحليل بيانات النقابة، لأن كاتبها العام قانونيا هو ناطقها الرسمي، ويمكن الرجوع إليه لتوضيح الأمور أكثر؛
س: ماهي الإكراهات التي يواجهها المفتشون من أجل موقع حيوي داخل المنظومة التربوية؟
ج: المفتشون يعانون من عرقلة عملهم، وتكليفهم بأعباء ليست من اختصاصهم، ولا تأخذها الإدارة بعين الاعتبار خلال تقويم مجمل أنشطة المفتش السنوية. المفتش وضع بين خيارين أحلاهما مر:
الاختيار الأول: قبول ما كلف به، ولو لم يكن من اختصاصه، ولا يحتسب له كعمل ضمن المجمل السنوي، وبذلك سيكون من المرضي عنهم نسبيا، لأن سيف عدم القيام بالواجب (المهام الرسمية) سيبقى مسلطا على رقبته طول السنة.
الاختيار الثاني: رفض القيام بأعمال ليست من اختصاصه، وسيواجه بالاستفسارات والمجلس الانضباطي، والاقتطاعات؛
س: ما هو السبيل للارتقاء بدور المفتش التربوي ؟
ج: الارتقاء بالمنظومة التربوية هو الارتقاء بدور المفتش، لأن كل خلل في المنظومة التربوية سواء أكان تدبيريا، أم ماليا، أم ماديا، أم تخطيطيا، أم توجيهيا، أم تربويا، يؤثر سلبا على دور المفتش، وبذلك فالمفتش يدافع عن المدرسة بكل مكوناتها، وبصورة شاملة غير مجزأة، وهو ما خلق له بعض المتاعب مع جهاز التدبير المركزي.
حوار أجرته جريدة الأحداث المغربية الصادرة يوم الخميس 18 أبريل 2019 مع ذ. عبد الرزاق بن شريج عضو مؤسسة لنقابة مفتشي التعليم
تعليقات
إرسال تعليق