recent
مستجدات

فوضى المجتمع المدني بالمغرب


فوضى المجتمع المدني
عصام القرني

إلى حدود سنة 2016،بلغ عدد الجمعيات الموجودة ببالمغرب حوالي 130 ألف جمعية،أي بمعدل جمعية لكل 270 مواطنا مغربيا،تنتشر عبر مختلف ربوع المملكة وتنشط في مجلات عديدة،أهمها الأعمال الاجتماعية والبيئية والرياضية والترفيه والتربية والتكوين..وتتصرف هذه الجمعيات في مبالغ مالية مهمة،تحصل عليها من مواردها الذاتية أو من إعانات الأفراد أو الخواص أو من دعم القطاعات الحكومية الدي بلغ سنة 2015 ما يقارب 1.5 مليار درهم،أو من دعم الجماعات الترابية والمؤسسات العمومية،أو من الدعم الاجنبي الذي أثار أكثر من مرة جدلا واسعا ومواجهات مع السلطات العمومية،كما يمكن لهذه الجمعيات أن تستفيد من عدة امتيازات ووضعيات استثنائية.
بالموازاة مع هذذه الأرقام الرسمية،يلاحظ بشكل جليأن المؤسسات الجمعوية،كأهم مكون للمجتمع،أصبحت موجودة بأي مكان وفي أي ميدان،وكل من هب ودب أصبح يمكنه تأسيس جمعية بين ليلة وضحاها.فالأمر لم يعد يتطلب أكثر من الرغبة في خلق جمعية،ثم القيام ببعض الاجراأت الادارية البسيطة التي تفضي في وقت وجيز إلى ولادة مؤسسة جمعوية.
لكن ،إلى أي حد يعكس هذا الانفجار الكمي للجمعيات الوجود الفعلي والومي لهذه المؤسسات وقيامها بمهامها التي أحدتت من أجلها؟ وهل هذه الجمعيات موجودة في الواقع أم أن أغلبها موجود فقط على الورق؟وهل هذه الجمعيات المغربية تتوخى ممارسة العمل التطوعي وتصبو إلى بلوغ المنفعة العامة أم أن عدد كبيرا من الجمعويين هدفهم الأساسي تحقيق المصالح الخاصة بهم؟
بيد أن سرعة التطور القانوني والتنظيمي المؤطر للمجتمع المدني خلال السنوات الأخيرة موجودة في بلادنا،فاقت السرعة التي يسير بها المجتمع  ومستوى الوعي و التقدم الذي وصل اليه،الأمر الذي أدى إلى تكاثر هذه التنظيمات من الناحية الكمية على حساب ظهور مجموعة من التشوهات والاختلالات التي مست جوهر منظومة المجتمع المدني،وجعلت جانبا مهما منه يشتغل في ظل الفوضى العشوائيةوللاسف،أصبح العمل الجمعوي ،في كثير من الاحيان،وظيفة من لا وظيفة له،وأضحى في اعتقاد العديد من الأفراد،مجالا للربح السريع والاستفادة من الدعم والامتيازات،ووسيلة للاغتناء وتحقيق الارتقاءوالتسلق الاجتماعي بشكل غير مشروع ونيل المناصب والاستفادة من الفرص بعيدا عن مبدأ المساواة والاستحقاق.
جمعيات تقوم بكل شيء وتتدخل في جميع الميادين التنموية والثقافية والاجتماعية والتربوية،لكن فقط في قوانينها الأساسية،حيث يحرص واضعوا هذه القوانين على أن تتضمن قائمة مهام جمعيتهم أكبر قدر  ممكن من المجالات ،حتى تتمكن مستقبلا من الاستفادة من كل الامتيازات الممكنة وتتاح لها فرصة المشاركة  في أي نشاط غير أن هذا الوجود على مستوى النص التنظيمي للجمعية غالبا ما يظل حبرا على ورق،بل إن عددا مهما من الجمعيات هي مجرد جمعيات صورية موجودة في الاوراق وغائبة في الواقع ،الأمر الذي يؤدي الى اندثارها مع مرور الوقت. وحتى الجمعيات التي تشتغل تعاني من غياب حس المسؤولية بين جميع أعضاء مكتبها المسير،اذ غالبا ما تلقى جميع المسؤوليات على عضو واحد او عضوين،أما باقي الأعضاء فانهم لا يحضرون إلا في المناسبات الخاصة.
ضعف المتابعة والمراقبة من قبل الدولة،المقرون بمحدودية كفاءة وضعف تكوين بعض الفاعلين في المجتمع المدني وطغيان مظاهر سوء التدبير،أدى إلى عجز الكثير من الجمعيات المستفيدة من الدعم الاخلي أو الخارجي عن تنفيد المشاريع التي تلقت عنها الدعم،ومن بين أبرز هذه المشاريع تلك المبرمجة في إطار المبادرة الوطنية للتنمية البشرية  والتي لم تبلغ المدى المخطط له.وفي نفس السياق،يسجل عدم إلمام عدد من المسيرين بالقواعد الادارية والمالية والمحاسبية المتعلقة بتدبير الجمعيات،مما يؤدي الى التخبط المستمر في عدد من المشاكل التدبيرية والخروقات القانونية.
توظيف المجتمع المدني لأغراض سياسوية إشكالية تقليدية تنضاف إلى باقي الإشكالات التي يغرص فيها المجتمع المدني. وتبزغ هده الظاهرة بشكل قوي في فترة الانتخابات التي تتحول فيها بعض الجمعيات إلى أدرع انتخابية لبعض الأحزاب...
فوضى المجتمع المدني بالمغرب
دفاترتربوية

تعليقات

ليست هناك تعليقات
إرسال تعليق
    google-playkhamsatmostaqltradent