التوظيف بالتعاقد في ميدان التربية والتكوين -حقائق مثيرة-




رغم اللغط الكبير الذي خلقه التوظيف بالتعاقد في المنظومة التربوية و المعارضة الشديدة لهذا النوع من التوظيف من طرف الفرقاء الاجتماعيين و الفاعلين التربويين و كل المهتمين بالشأن التربوي ببلادنا، و ذلك لاعتبارات موضوعية و معقولة عديدة. لكن، و بحكم العقلية المتعجرفة الساهرة على تدبير قطاع التربوية الوطنية منذ تولي السيد رشيد بلمختار مسؤولية وزير التربية الوطنية، و التسيير التقنوقراطي الذي يستمد قوته من السلطات العليا في البلاد و تعاليه على جميع الفرقاء و المؤسسات الرسمية و ضعف الفرفاء النقابيين، جعله يمرر كل القرارات بمنطق أحادي فوقي دون أي اعتبار للأصوات المعارضة و المنتقدة لها و المقومة للأخطاء و الإعوجاجات، و أحيانا يكون هذا التعنت في تنزيل القرارات و المشاريع فقط نكاية في هذه الأصوات بمنطق إنا عكسنا (ستنزل القرارات و لو طارت معزة)، و هو الشيء الذي حصل أثناء تنزيل مشروع التوظيف بالتعاقد الفاشل في المنظومة التعليمية.
فبعد تخصيص مبلغ 3 ملايير درهم من ميزانية خاصة غير معروفة المصدر و هناك من يقول أنه تمت اقتطاعها من الصناديق السوداء وميزانية الطوارئ، نعم، أصبح التعليم ببلانا و سنة 2017 يمول من الميزانيات المجهولة المصدر و ميزانية الطوارئ! لتوظيف 11 الف رجل و إمرأة تعليم عبر الأكاديميات، هناك معلومات جد مؤكدة من مصادر موثوقة تفيد انتقال الوزارة الى توظيف دفعة ثانية بهذا النوع من التوظيف تهم 5000 من أطر الإدارة التربوية خلال شهر أبريل القادم و 10000 مدرس و مدرسة شهر يونيو 2017. و بالتالي يكون مجموع الاطر التربوية و الأإدارية التي تشتغل بعقود في المنظومة التربوية هو 26 الف إطار تربوي و إداري بنسبة تشكل حوالي 9 % من موظفي وزارة التربية الوطنية.
و رغم، أن هذا النوع من التوظيف سيزيد من تعميق أزمة التعليم بالمغرب فلا يمكن معالجة أخطاء سابقة بأخطاء أكثر خطورة و ستؤثر على مستقبل المنظومة و ستكرس الهشاشة بها عبر توظيفات غير قارة، و بمنطق إنا عكسنا استطاعت عقلية مسؤولو الوزارة غير خاضعين للمحاسبة و المساءلة، أن تغرق القطاع بهذه التوظيفات في زمن قياسي جدا.
فالتوظيف بالتعاقد المرفوض من كل الغيورين على القطاع و على المدرسة العمومية و الذي يخدم بالاساس لوبي القطاع الخاص، حيث هذا التوظيف يضرب الجودة في المدرسة العمومية في العمق و يزيد من تعميق أزمتها، الشيء الذي يفرض على عموم المغاربة و من جميع الشرائح و رغم ضعف تواضع وضعها المادي، التوجه لتدريس ابناءهم في القطاع الخاص و بالتالي يكون المستفيد الاول من هذا التوظيف هو لوبي القطاع الخاص و نعلم ان المستثمرين الكبار في القطاع الخاص ببلادنا هم المدبرون لوزارة التربية الوطنية و للحكومة حيث يعتبر قادة العدالة و التنمية الحزب الاول المدبر للشأن العام من ابرز المستثمرين في التعليم الخصوصي في المغرب.
فإذا كان هذا التوظيف او بالأحرى التشغيل لانه لا يخضع لضوابط الوظيفة العمومية المنصوص عليها في النظام الأساسي العام للوظيفة العمومية، يضرب في العمق المكتسبات التاريخية في المنظومة التربوية المكفولة لنساء و رجال التعليم و يكرس الهشاشة بها، فهو كذلك يؤثر سلبا على الوظيفة العمومية و يفككها و يجعل مستقبلها مفتوح على المجهول، و هو كذلك يجعل وضعية الصندوق المغربي للتقاعد على المحك و معاشات المدنية للموظين الموظفات و مساهماتهم الشهرية مهددة و غير مضمون الاستفادة منها بعد تقاعدهم، حيث أن الدولة تخضع المعنيين بهذا النوع من التشغيل لصندوق النظام الجماعي لمنح رواتب التقاعد و ليس للصندوق المغربي للتقاعد، الشيء الذي سيجعل الساكنة النشيطة لصندوق التقاعد و خاص نظام المعاشات المدنية في تناقص مستمر و مطرد بسبب الهروب الجماعي للموظفين الى التقاعد بشقيه الكامل و النسبي مما سيجعل نسبة الموظفين النشيطين مستقبلا غير قادرة على تعويض الكم الهائل من المتقاعدين و سيجعل الدولة تفرض على الموظفين إجراءات جديدة لتأجيل أزمة التقاعد لوقت لاحق. و عوض تبني الدولة الحل الجدري لأزمة التقاعد و كذلك ازمة الخصاص في الأطر بالوظيفة العمومية نجدها تعمق الازمة بهذه التوظيفات المرفوضة و المكرسة للهشاشة على جميع المستويات

عبد الوهاب السحيمي
تعليقات



حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-